حين ينطق اللسان بما يعتصره القلب، نكون أمام لحظة صدق لا تحتمل الزيف، لحظة يُرفع فيها القناع عن واقع مؤلم يُثقل كاهل هذا الوطن، وهو ما عبر عنه الأمين العام بما وقع في سيدي موسى بسلا. أما إن تحدثنا عن الصحة، فأوزين كان واضحا، فنحن لا نتكلم عن قطاع تقني أو إداري، بل عن شريان حياة، عن حقٍ يُستنزف كل يوم أمام صمت حكومي ثقيل، وتبريرات لا تُقنع حتى أصحابها. وعندما نربط الصحة بالقدرة الشرائية للمواطن، فإننا نلامس جوهر الأزمة، إنها أزمة أخلاق قبل أن تكون أزمة أرقام أو ميزانيات. لماذا اليوم السياسة تُدار بعين الحساب لا بقلب الإنسان؟؟؟؟ لماذا السياسة اليوم تجعل من الضعيف رقماً في التقرير فقط، ومن المريض عبئاً على المرفق بدل أن يكون أولويته؟؟؟؟ أما قلب الإدارة، الموظف الذي كان ذات يوم عماد الإدارة، يؤدي واجبه بكرامة ونكران ذات، فقد أصبح اليوم في عهدهم مطالبًا بالخنوع، بالتنازل، بأن يتحول من مواطن إلى تابع، من شريك في بناء الدولة إلى أداة في يد من لا يهمه سوى تدبير اللحظة بخصوصية مالية. إننا اليوم أمام أزمة بنيوية نعم، لكنها أولاً وأخيراً أزمة ضمير. لكن البدائل موجودة، وممكن تحقيقها، إذا ما تجاوزنا ذلك السواد في النفوس قبل العقول، عندنا نؤمن أن البدائل ممكنة متى وُجدت الإرادة الحقيقية، ومتى تَخلّت السلطة عن منطق التدبير الفوقي، واقتربت من المواطن لا كخزان انتخابي، بل ككائن يستحق الحياة بكرامة. نعم، البديل يبدأ بإعادة الاعتبار للحق في الصحة كأولوية وطنية، لا مجرد بند في خطاب رسمي، يمرر علينا فقط، فنحن نحتاج إلى تقوية المنظومة الصحية من خلال الإنصات للعاملين فيها، وتحفيزهم بدل إنهاكهم، وبتوجيه الاستثمارات نحو البنيات التحتية الصحية في الهامش قبل المركز. أما على مستوى القدرة الشرائية، فلا نختاج صدقات ظرفية، بل سياسات اقتصادية توازن بين النمو والعدالة، وتجعل من كرامة المواطن قاعدةً لا استثناء، في مراكز القرب والمستشفيات الإقليمية. أما بالنسبة للموظف، فالحل ليس في تقليص حقوقه أو تقييد صوته، بل في تمكينه، عبر الإنصات إليه، وتوفير بيئة عمل تحفظ له كرامته وتُعيد الثقة بينه وبين الدولة التي يخدمها. بخلاصة، البدائل موجودة، لكنها تحتاج لشجاعة سياسية ولحبٍّ حقيقي لهذا الوطن، وهذا ما يعبر عنه دائما الأمين العام السيد محمد أوزين.
أضف تعليقك
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.